من التبعية إلى الابتكار المحلي.. ثورة وظائف الذكاء الاصطناعي تطرق أبواب أفريقيا


الرياض - العربية Business 24/07/2025 05:21 PM

في الوقت الذي تتسابق فيه القوى العالمية الكبرى مثل أميركا والصين على السيطرة على الذكاء الاصطناعي، تُواجه أفريقيا خطر التحوّل إلى "مستعمرة رقمية" تعتمد على نماذج وبُنى تحتية لم تُصمَّم لأجلها.

لكن بدلاً من البقاء في دور المستهلك، بدأت القارة في استكشاف إمكانية أن تصبح فاعلًا رئيسيًا في صناعة الذكاء الاصطناعي—ليس فقط كمصدّر للمواهب، بل كمُحرّك للطلب والابتكار المحلي.

في قلب هذا التحوّل، تبرز دعوة صريحة: لا يكفي تدريب آلاف الشباب على علوم البيانات والذكاء الاصطناعي، إذا لم يُواكب ذلك خلق وظائف حقيقية تستوعب هذه الكفاءات داخل بلدانهم.

وكما يقول أحد الخبراء: "ندرب طهاة عالميين في مدينة بلا مطاعم"، بحسب تقرير نشره موقع "restofworld" واطلعت عليه "العربية Business".

من التفكيك في الغرب إلى البناء في الجنوب

في الغرب، يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي كقوة تُفكك الوظائف التقليدية وتُهدد البنى المؤسسية الراسخة.

أما في أفريقيا، حيث لم تُندمج العديد من الدول كليًا في هذا النموذج القديم، فإن الذكاء الاصطناعي يُمثّل فرصة لبناء نموذج جديد بالكامل—أرخص، وأشمل، وأكثر مرونة.

فالدول التي عانت طويلًا من "الندرة المهنية" قد تكون في وضع مثالي لاعتماد نماذج مبتكرة تُعيد تشكيل مفهوم العمل والخدمات الأساسية.

ففي إثيوبيا، على سبيل المثال، يخدم أقل من 10 آلاف طبيب أكثر من 120 مليون نسمة.

ومع ذلك، يوجد عدد أكبر من الأطباء الإثيوبيين المُدرّبين في مدن أميركية مثل واشنطن وشيكاغو مقارنة بإثيوبيا نفسها، نتيجة مباشرة لهجرة العقول وفشل في خلق منظومة محلية مستدامة.

الذكاء الاصطناعي محفز اقتصادي جديد

الذكاء الاصطناعي لا يُلغي الحاجة إلى الخبراء، بل يُضاعف من فاعليتهم.

فبدلاً من الاعتماد على أخصائي تقليدي واحد، يُمكن تدريب مساعدين صحيين في الريف الأفريقي على استخدام أدوات ذكاء اصطناعي لتقديم خدمات تشخيصية أولية لمجتمعات بأكملها.

في القطاع القانوني، يمكن للمساعدين القانونيين تقديم استشارات سريعة عبر تطبيقات مثل واتساب، مدعومين بنماذج معرفية محلية.

وفي قطاع الزراعة، يمكن لمهندسين زراعيين استخدام طائرات دون طيار وبيانات ذكية لتحسين إنتاجية مئات المزارعين أسبوعيًا، إنها ليست خيالات علمية، بل تجارب بدأت بالفعل على أرض الواقع.

خلق الطلب المحلي

لكي تنجح ثورة وظائف الذكاء الاصطناعي في أفريقيا، لا بد من تحفيز الطلب المحلي.

وهنا يأتي دور الشركات الكبرى في القارة مثل "MTN" و"Safaricom" و"Ecobank" و"Access Bank"، التي تمتلك شبكات توزيع هائلة وفهمًا عميقًا للأسواق.

هذه الشركات قادرة على أن تكون عملاء وممولين أوائل لهذه الحلول الجديدة، مما يُسرّع من تبنيها ويدعم المنظومة الاقتصادية الناشئة حولها.

نظام تنظيمي جديد لعصر جديد

لكن هذه الثورة تتطلب أيضًا إصلاحًا جذريًا في أنظمة التقييم المهني.

يجب أن يُقاس المبتكرون بناءً على نتائجهم، لا فقط على مؤهلاتهم الأكاديمية.

ويجب تصميم نماذج ذكاء اصطناعي تُراعي الثقافة واللغة والواقع المحلي، حتى لا تتحول القارة مرة أخرى إلى مجرد "مورد بيانات" للغرب.

فالاختيار أمام دول الجنوب العالمي اليوم ليس بين التقدم والتأخر، بل بين الانخراط النشط في تصميم النظام الاقتصادي الجديد أو البقاء على الهامش كمستأجرين في اقتصاد لم يصمموه.

إن الوظائف التي ستغير وجه أفريقيا موجودة بالفعل، لكنها مختنقة بسبب ضعف البنية التحتية ونقص الاستثمار المحلي.

وإذا ما أُزيلت هذه العوائق، فإن السوق سيُسرع في توجيه رأس المال والموارد نحوها.


المصدر : alarabiya.net تاريخ النشر : 24/07/2025 05:21 PM

Min-Alakher.com ©2025®