بحضور نخبة من الأكاديميين والمثقفين البريطانيين والعرب، افتتح الفنان التشكيلي والطبيب الجراح العراقي، علاء بشير، معرضه الشخصي في لندن، وسمّاه "المساومة القاسية".
5 لوحات بحجم كبير يبلغ 4 أمتار بمترين زينت قاعة "الميلانيوم" البريطانية للفنون كانت كافية لاختصار عوالم الدكتور بشير ، وتلخيص أفكاره، وهو الطبيب والنحات والتشكيلي، حول والحياة والموت وما بينهما.
اشتهر الدكتور بشير بإعادة الأطراف المبتورة منذ بداية عقد الثمانينيات في القرن العشرين. وذاع صيته بعد أن أجرى عملية جراحية أعاد فيها يداً مقطوعة لمهندس بلغاري، كذلك ساهم بمعالجة المتضررين من حروق وتشوّهات أثناء الحروب التي مرت على العراق مثل الحرب العراقية الإيرانية ثم حرب غزو الكويت والغزو الأميركي للعراق في عام 2003.
بدأ برسم اللوحات الانطباعية في خمسينيات القرن الماضي ثم تغيّر أسلوبه الفني بمرور السنين تدريجياً الى التعبيرية والسريالية.
في معرضه الأخير، يرسم بمتعة بصرية وجمالية عالية حدودا للحياة والموت، وتصبح الحياة أشبه بومضة بيضاء سريعة بالكاد يراها المتلقي في لوحة الولادة أو الانبعاث وتذكير للجمهور بأن الحياة قصيرة والبشر يولدون ويرحلون سريعا ويبقى الأثر بسيطا جدا، ورغم أن الإنسان بغريزته الفطرية يريد الاستحواذ على الأشياء، ولكنه يرحل في النهاية تاركا إياها خلفه.
يقول الدكتور بشير إن الانسان مخلوق بين متناقضين اثنين مثل الحب والكراهية، والحياة والموت، والصح والخطأ، والحق والباطل، وفي ظل هذه الثنائية في الحياة التي لا يمكن أن نتخلص منها، تأتي "المساومة القاسية"، كيف تستطيع أن تتعامل مع شخص تكرهه بل وتضطر أن تتظاهر بمحبته، وهذه هي "المساومة القاسية" التي اختارها عنوانا للمعرض فالإنسان لا يحيا بدون مساومة، وهو يحاول أن يكون حرا كما في لحظة الولادة، ولكنه يكتشف استحالة الخطوة.
وتظل شهود بشير هي الغربان التي تتطاير في لوحاته وهي القاسم المشترك والشاهد على خطوطه وفرشاته ولوحاته. وهو يعتبر أن الغراب أول من علم الإنسان الحكمة، وكيفية دفن الموتى. ويعتقد أن الغراب لم يكن نذير شؤم كما تخيل العرب.
لوحات الدكتور بشير التعبيرية عن الولادة والحياة والانبعاث ورحلة آدم وحواء ولوحة البرزخ أو القيامة تحمل الدلالات الفلسفية القوية التي تصور المجازات، كما جاء بلوحة "آدم وحواء" التي تصور النزول إلى الأرض والمصير المجهول للإنسان.