بينما تعمد الجماعات الإرهابية الترويج لأفكارها المتطرفة عبر استغلال منصات الفضاء الرقمي، بات لافتاً لجوء تلك الجماعات في استغلال "الألعاب الإلكترونية" من أجل تعزيز حضور أيديولوجياتها، إذ تعد هذه الألعاب منصة سهلة الوصول للتأثير على الشباب والمراهقين، إذ تتضمن عناصر مثل العنف أو خطاب الكراهية، مما يساهم في تطبيع هذه الأفكار.
وأكد المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف "اعتدال" أهمية تحصين البيئة الإلكترونية الجاذبة لفئة الشباب والشابات، وخاصة على منصات الألعاب الإلكترونية، لافتاً إلى أن الضخ الهائل للمحتويات المتطرفة في شبكات التواصل والألعاب الإلكترونية تشجع حالة جديدة من نشوء الفكر المتطرف، تتداخل فيها مؤثرات الألعاب مع المعلومات المجتزأة من المواد الرقمية المتداولة شبكيًا؛ مما يجعل مرجعية الأتباع المتعاطفين مع هذا النوع من التطرف عبارة عن تركيب أيديولوجي يتميز بالتفكك والضحالة.
وبينما تتسم الألعاب بالقدرة على خلق بيئات تفاعلية، فإنها تتيح أيضاً للمستخدمين الانغماس في روايات متطرفة أو حتى التأثر بشخصيات تنشر أفكاراً متطرفة، ويشدد الباحثون على أهمية تكثيف الجهود لفهم تأثير هذه الظواهر ووضع استراتيجيات فعالة لمواجهة هذا المحتوى والتصدي له، سواء عبر التوعية أو تنظيم الرقابة على المحتوى الموجه للشباب.
وأوضح لـ "العربية.نت" عبدالله البراق، الباحث في الشؤون الأمنية ومكافحة الإرهاب وشؤون التطرف، أنه منذ أن نشأ الإرهاب المعاصر قبل عقود من الزمان، قد مر على العديد من المراحل، يتقلب فيها بما تقتضيه مصلحته، وما تفرض عليه آليات مرحليته، والتي ترتكز على أمرين أساسيين وهما: التزييف والجهل، فالتزييف هنا ينقسم على قسمين، الأول تزييف في النصوص اقلب فهمها، والثاني تزييف في الأفعال.
وهذا ما تخدمه لغة عصره، ففي عصور التقنية والنشر الإلكتروني يسهل إدخاله للعديد من شرائح المجتمع، وخاصة ذات الشريحة العمرية الصغيرة والمراهقة، حيث يتم دمج قسمي التزييف وإدخالها في مخيلاتهم وأفكارهم، وخاصة في لعب الأطفال، والتي لكل شي فيها معنى، ابتداء بالصورة والأفعال الوحشية والمؤثرات، حتى تتركب أفكار ومفاهيم لدى الطفل غير مطابقة للواقع، فيظن جهلا منه أنها الصورة الحقيقة الصحيحة، بينما هي في الواقع مركبات مزيفة وجدت بيئة خصبة في مخيلات وأفكار الطفل الذي يظن أنه على حق ولا يعلم بالتركبية التي وجدت لها مكانا فيه.
وأضاف: أما الجهل بجميع أقسامه بوابة لما بعد التزييف، وعند النظر لصناعة الإرهاب المعاصر في بداياته وحتى الآن، يكثر في الأماكن النائية التي تضعف فيها المؤسسات التوعوية والتعليمية والأمنية، وإنما تكون الوقاية منه بالتزود بالوعي والعلوم والمعارف والفنون والترفيه، حتى يكون الاتزان والاعتدال هذه بمثابة درع فكرية شاملة لا يقف عند نفسه فحسب بل يقوم بالتوعية.