لم يتوقع صناع فيلم "حائط البطولات"، الذي بدأ العمل عليه نهاية تسعينيات القرن الماضي، أن يتأخر عرضه 15 عامًا بعد انتهاء تصويره.
اعتبر البعض وقتذاك أن الفيلم يمنح الأفضلية في انتصار أكتوبر (تشرين الأول) لسلاح الدفاع الجوي، وليس للضربة الجوية التي قام بها الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، عندما كان قائدا لسلاح الطيران، لذلك تم حفظ الفيلم.
تحدث الكاتب الراحل مصطفى محرم عن كواليس الفيلم في مذكراته "حياتي في السينما"، موضحًا أن التحضيرات بدأت عندما تلقى اتصالًا من المخرج محمد راضي يطلب فيه لقاءه.
توجه محرم إلى أحد الفنادق حيث التقى بمحمد راضي، ووجد بصحبته العميد إبراهيم رشاد، الضابط في سلاح الدفاع الجوي، الذي كان يحمل سيناريو ضخمًا.
علِم محرم من المخرج محمد راضي أن العميد إبراهيم رشاد أهداه عملًا وطنيًا عن حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، لكن السيناريو كان يحتاج إلى بعض الاختصارات.
بدأ محرم في قراءة الصفحة الأولى، التي تحمل عنوان "حائط البطولات" وتحكي قصة الفريق محمد علي فهمي، قائد سلاح الدفاع الجوي، الذي دون يومياته منذ حرب الاستنزاف وحتى نصر أكتوبر (تشرين الأول) 1973.
أدرك محرم أن أمامه مهمة صعبة لأن الحدث الذي يتناوله الفيلم وقع منذ وقت قريب، وما زال في أذهان الجمهور ويتذكر كافة التفاصيل.
استأجر المخرج محمد راضي إحدى قاعات فندق النبيلة كعادته، وأصبحت المقر الرئيسي للعمل على الفيلم، الأمر الذي جعل بعض الفنانين يمرون لمصافحة فريق العمل، منهم الفنان المصري أحمد بدير الذي كان يمر بالصدفة مع زوجته، وحينما رأى محرم وراضي ذهب لمصافحتهما، وألح عليهما في أن يقوم بدور في الفيلم.
وقع اختيار المخرج محمد راضي على عدد كبير من الفنانين الذين شاركوا معه في فيلم "فتاة من إسرائيل"، من بينهم محمود ياسين في دور قائد سلاح الدفاع الجوي، وفاروق الفيشاوي وخالد النبوي وحنان ترك ومصطفى شعبان.
انضم المنتج عادل حسني إلى طاقم إنتاج الفيلم، وبعد الانتهاء من التصوير، عُرض العمل على قادة سلاح الدفاع الجوي ومدير الشؤون المعنوية.
اعتبر البعض أن الفيلم يمنح الأفضلية في انتصار أكتوبر (تشرين الأول) لسلاح الدفاع الجوي، وليس للضربة الجوية التي قام بها الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، لذلك تم حفظ الفيلم.
حاول الثنائي عادل حسني ومحمد راضي استدراك ما حدث، بعدما علما بغضب الرئيس مبارك، وحكى حسني لمصطفى محرم عن كواليس اللقاء الذي جمعه بالرئيس مبارك في فرنسا.
كان المنتج في زيارة إلى باريس خلال تواجد الرئيس المصري، وفي أحد لقاءات مبارك مع المصريين المقيمين هناك، تواجد عادل حسني، وحينما رآه الرئيس مبارك عبر عن غضبه، ووضع يده على كتفه قائلا: "نصر أكتوبر (تشرين الأول) هو الضربة الجوية"، وبعدها تركه وغادر.
حاول المنتج أن يجد حلًا، فطلب من الكاتب مصطفى محرم كتابة بعض المشاهد التي تتحدث عن نجاحات سلاح الطيران، لإضافتها إلى الفيلم، لكن محرم رفض، فتولى كاتب آخر صياغة هذه المشاهد، وقدم عادل حسني شخصية الرئيس مبارك في الفيلم، لكن العمل لم يعرض.
وظل الفيلم ممنوعًا، حتى قيام ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، ثم عرض الفيلم على وزير الإعلام وقادة القوات المسلحة، وتم السماح بعرضه، كما عُرض الفيلم في إحدى دورات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.