تم استخدام مؤشر كتلة الجسم BMI، وهو حساب نسبة الطول إلى الوزن، لسنوات عديدة من قبل الباحثين والأطباء لتحديد الحالة الصحية للفرد والمخاطر، لكن تبين أنها طريقة معيبة إلى حد كبير، بحسب ما نشره موقع Eating Well. فعلى سبيل المثال، يمتلك الرياضيون كتلة عضلية أكبر، ومن الطبيعي أن تكون أوزان أجسامهم أكثر. لذلك، وفقًا لمخططات مؤشر كتلة الجسم، يمكن أن يبدو أن الشخص يعاني من "السمنة" بالنسبة لطوله، في حين أن الحقيقة هي أن نسبة الدهون في جسمه تكون منخفضة، مما يوفر تكوينًا صحيًا للجسم.
كما أن مؤشر كتلة الجسم لا يمكن من خلاله تحديد مكان توزيع الدهون في الجسم. ومن الممكن أن يكون هناك مزيد من الدهون الحشوية، وهي الدهون التي تكمن في عمق البطن وتحيط بالأعضاء الحيوية، والتي يمكن أن تعرض الأشخاص لخطر أكبر للإصابة بالأمراض والوفاة. بل ويمكن أن تكون هناك بنية مختلفة بشكل كبير لدى شخصين لهما نفس مؤشر كتلة الجسم، إذ يحمل أحدهما المزيد من الدهون في الجزء السفلي من الجسم - الفخذين والساقين والمؤخرة - بينما يحمل الآخر المزيد من الدهون في الوسط. وبالتالي، فإنه على الرغم من أن لديهما نفس الطول، إلا أن توزيع مختلف للدهون مما يمكن أن يعني أن الشخص الذي يوجد لديه المزيد من الدهون الحشوية يمكن أن يكون أكثر عرضة للإصابة بالالتهابات المزمنة وأمراض القلب والسكري والسرطان.
لحسن الحظ، توصل الباحثون إلى طريقة أحدث يمكن أن تكون أكثر دقة، لتحديد المخاطر الصحية - مؤشر استدارة الجسم (BRI). ويتم حسابه باستخدام معادلة تتضمن الطول والوزن ومحيط الخصر. وتسلط دراسة صدرت حديثًا، نُشرت في JAMA Network Open في 5 يونيو 2024، الضوء على استخدام BRI في تحديد خطر الوفاة المبكرة بسبب أي شيء، والذي يشار إليه باسم الوفيات الناجمة عن جميع الأسباب1. دعونا نر ما يظهر.
استخدم الباحثون بيانات من المسح الوطني لفحص الصحة والتغذية من عام 1999 إلى عام 2018. NHANES عبارة عن سلسلة من الدراسات الاستقصائية التي يتم إجراؤها لمراقبة الصحة العامة لسكان الولايات المتحدة ويتم إجراؤها كل عامين. يتم إجراء الاستطلاعات عبر المقابلات المنزلية ومراكز الفحص المتنقلة.
استخدمت الدراسة ما مجموعه 32995 شخصًا بالغًا، نصفهم من الذكور بمتوسط عمر 47 عامًا في بداية المرحلة الأولى. وبما أن الباحثين كانوا يبحثون في معدلات الوفيات خلال فترة الدراسة حتى 31 ديسمبر 2019، فقد تم الحصول على بيانات الوفيات من خلال الموقع الإلكتروني للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها وربطها بقاعدة بيانات NHANES.
نظرًا لأن مؤشر BRI جديد جدًا، لم يتم بعد تحديد الفئات والنطاقات – مثل BRI المنخفض والعادي والمرتفع. ولهذا السبب، كان على الباحثين إنشاء فئاتهم الخاصة. وفي منتصف الدراسة، لاحظ الباحثون وجود علاقة على شكل حرف U بين BRI والوفيات. ومن هذا المنطلق، شكلوا فئات مختلفة تسمى الشرائح الخمسية حيث يكون Q1 هو أدنى مؤشر BRI وQ5 هو الأعلى. تم تعيين Q3 كمجموعة مرجعية.
ما وجدوه كان مثيرا للاهتمام للغاية. نظرًا لأنه ظهر في الدراسات السابقة أن الكميات الأعلى من الدهون الحشوية تجعل الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المزمنة والوفاة، فربما لا يكون مفاجئًا أن فريق الباحثين اكتشف أن الأشخاص الذين تم تصنيفهم في Q5، وهي الفئة التي تضم أصحاب المستوى العالي من الدهون الحشوية، كانوا أكثر عرضة للوفاة لأي سبب بنسبة 50٪ مقارنة بالمجموعة المرجعية Q3.
ولكن ما قد يكون غير متوقع هو اكتشاف أن الأشخاص الذين وقعوا في الربع الأول - مما يشير إلى انخفاض شديد في الدهون الحشوية - كانوا أكثر عرضة للوفاة لأي سبب بنسبة 25٪ مقارنة بالبالغين في الربع الثالث. وكان هذا صحيحا بشكل خاص في الأفراد الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما فما فوق.
يوضح الباحثون أن الانخفاض الشديد في مؤشر BRI يرتبط بسوء الحالة التغذوية والتعب وانخفاض القدرة على تحمل النشاط وضمور العضلات. وبعبارة أخرى، فإن الأشخاص الذين يعانون من انخفاض شديد في مؤشرBRI يميلون إلى الإصابة بسوء التغذية وفقدان الكثير من العضلات، مما يؤدي إلى الشعور بالتعب وعدم القدرة على ممارسة النشاط البدني.
وبالبحث أكثر في النتائج، تبين أن أولئك، الذين تم تصنيفهم في الربع الخامس يميلون إلى الوفاة أكثر في كثير من الأحيان بسبب اضطرابات القلب والأوعية الدموية والتمثيل الغذائي - مثل أمراض القلب والسكري - والسرطان. وانطبق الأمر حتى على أولئك الذين يتمتعون بوزن "طبيعي"، لأنه يمكن أن يندرج الشخص ضمن مؤشر كتلة الجسم أو فئة الوزن "الطبيعي" أو "الصحي" ولا يزال يحمل نسبة أعلى من الدهون في منطقة الخصر.
في حين أن شكل الجسم وموضع رواسب الدهون في الجسم يتم تحديده إلى حد كبير من خلال علم الوراثة ومرحلة الحياة، حيث يميل انقطاع الطمث إلى تحويل تخزين الدهون إلى الوسط عند النساء، إلا أن هناك أشياء يمكن القيام بها للمساعدة في الحفاظ على الدهون الحشوية في نطاق صحي.
على سبيل المثال، إن هناك أدلة على أن اتباع نظام غذائي غني بالفواكه والخضراوات والبروتينات الخالية من الدهون والدهون الصحية والألياف - وهو في الأساس نمط أكل حمية البحر المتوسط - بالإضافة إلى النشاط البدني، يعد مزيجًا رائعًا للمساعدة في مكافحة الدهون الحشوية.
كما تشجع قلة النوم ومستويات التوتر المرتفعة بشكل مزمن على تراكم الدهون في البطن. عندما يكون التوتر مزمنًا، فإن هرمون التوتر الكورتيزول ينشط باستمرار في الجسم، بما يؤدي إلى تشجيع تخزين الدهون في البطن.
فيما يتعلق بالنشاط البدني، فإن الجمع بين التمارين الرياضية وتدريبات القوة يقطع شوطًا طويلًا نحو الحفاظ على الدهون الحشوية في نطاق صحي. من المهم أن يلاحظ المرء أن التدريب الموضعي، مثل أداء تمارين البلانك وتمارين البطن، سيقوي العضلات الأساسية ولكنه لا يقلل من الدهون في تلك المنطقة.
ومن المثير للاهتمام أن نتائج دراسة، أجريت عام 2023 ونشرتها دورية JMIR Public Health and Surveillance، تشير إلى أنه حتى الأشخاص الذين يمارسون معظم نشاطهم البدني خلال عطلة نهاية الأسبوع أظهروا مستويات منخفضة من الدهون في البطن مماثلة لأولئك الذين كانوا أكثر نشاطًا باستمرار. تشير النتائج إلى أن جميع الأنشطة مهمة، لذلك إذا كان الشخص لا يمارس نشاطًا بدنيًا حاليًا، فما عليه سوى البدء في التحرك أكثر والارتقاء من هناك.