في اكتشاف مهم قد يفتح الباب أمام علاجات أرخص وأكثر سهولة، كشفت دراسة جديدة أن حليب البقر يحتوي على جزيئات نانوية يمكن استخدامها لتقديم علاج لأمراض عدة منها القولون العصبي والقلب والسكري.
فقد توصلت الدراسة التي أجرتها جامعة كينغز كوليدج في لندن أن حليب البقر يحتوي على جزيئات نانوية يمكن استخدامها لتقديم علاج الحمض النووي الريبي RNA المعدل للأمراض عن طريق الفم.
ونظراً لأن الأدوية المعتمدة على الحمض النووي الريبوزي RNA لا يمكن تناولها حالياً إلا عن طريق الحقن، فإن هذا الاكتشاف يفتح الباب أمام علاجات أرخص وأكثر سهولة، وفقاً لموقع New Atlas نقلًا عن دورية Nanobiotechnology.
كذلك تكمن أهمية الدراسة فيما يعد أحد أكبر التحديات التي يواجهها الباحثون هو تحويل الأدوية القابلة للحقن إلى إصدارات يمكن تناولها عن طريق الفم، لاسيما أنه عندما يتم الأدوية القابلة للحقن عن طريق الفم، فإنها لا تستطيع تحمل البيئة القاسية للأمعاء، ما يؤدي إلى ضعف التوافر البيولوجي، أي قدرة الدواء على الامتصاص وممارسة تأثير علاجي على الجسم.
وتشمل فئات الأدوية، التي لا يمكن إيصالها إلا عن طريق الحقن، علاجات الحمض النووي الريبوزي RNA. وباستخدام الجزيئات المعتمدة على الحمض النووي الريبي RNA، تتلاعب هذه الأدوية بتعبير ونشاط الجزيئات المستهدفة، وتعديل المسارات البيولوجية لعلاج أو علاج حالة معينة، ما يسمح بمعالجة الأمراض التي لا تكون الأدوية التقليدية فعالة في علاجها.
بدوره قال دريتون فلاساليو، الباحث في الدراسة وكبير المحاضرين في الصيدلة في كلية كينغز كوليدج بلندن: "إن تناول الأدوية عن طريق الفم هو الطريقة الأكثر قبولًا وملاءمة وأرخص عادة لتناول الأدوية".
وأشار إلى "أن القدرة على تقديم الأدوية "البيولوجية"، مثل علاجات الحمض النووي الريبي RNA، غالبًا ما يُنظر إليها على أنها أنسب وأفضل الطرق لتوصيل الأدوية، ولكنها ظلت تحديًا عنيدًا.
وترجع أهمية الدراسة إلى كونها تشير إلى أن توصيل أدوية الحمض النووي الريبوزي RNA عن طريق الفم باستخدام التكنولوجيا المعتمدة على مركبات الحليب الكهربائية قد يكون ممكنًا.
وتلعب المركبات الكهربائية دورًا حاسمًا في التواصل بين الخلايا، حيث تستخدم معظم خلايا الإنسان الحويصلات خارج الخلية، كمغلفات الخلوية، لنقل البضائع مثل البروتينات والدهون والأحماض النووية، بما يشمل الحمض النووي الريبي RNA، عبر مسافات طويلة لاستهداف الخلايا. إنها محاطة بطبقة دهنية واقية، والأهم من ذلك، يمكنها عبور الحواجز البيولوجية.
لذلك، قام الباحثون بفحص ما إذا كان من الممكن استخدام المركبات الكهربائية المستخرجة من الحليب البقري كوسيلة لتوصيل الأدوية إلى الجهاز الهضمي الذي يعاني من مشاكل صحية. سبق أن تم فحص الحويصلات خارج الخلية للحليب لمعرفة إمكاناتها العلاجية في مرض القولون العصبي في نماذج فئران المختبر.
بعد أن تأكد الباحثون من أن الكائنات الحية الدقيقة عبرت جدار الأمعاء باستخدام نماذج عضوية واقعية من الأمعاء البشرية، قاموا بتحميل الكائنات الحية الدقيقة بعامل نخر الورم ألفا المضاد لـ RNA وأعطوا جرعة واحدة لنموذج فأر مختبر من مرض التهاب الأمعاء.
ويتوسط عامل نخر الورم ألفا عملية الالتهاب المعوي وهو أحد العوامل الرئيسية المتورطة في تطور مرض التهاب الأمعاء، حيث أدى العلاج إلى تقليل طول الموقع الرئيسي لالتهاب القولون في فئران المختبر المريضة مقارنة بالضوابط.
فيما يشير التحسن الكبير في مظهر القولون في المجموعة المعالجة إلى أن الخلايا الجذعية السرطانية نجحت في توصيل شحنة وظيفية مضادة لعامل النخر ألفا، مما يقلل الالتهاب ويعزز إصلاح جدار القولون.
وعلى الرغم من أن الدراسة أخذت في الاعتبار فقط تأثير الحويصلات خارج الخلية للحليب البقري المحملة بالحمض النووي الريبي RNA على مرض التهاب الأمعاء، إلا أن الباحثين يقولون إنه يمكن استخدامها لعلاج مجموعة واسعة من الأمراض، بما يشمل أمراض القلب والسكري، باستخدام العلاجات التي يتم تناولها عن طريق الفم.
وقال فلاساليو: "قد يؤدي هذا إلى تصنيع مدمر ومستدام لعلاجات الحمض النووي عن طريق الفم بأسعار معقولة ويمكن الوصول إليها لعدد كبير من الأمراض، مما يؤدي إلى آثار مجتمعية كبيرة".
ونظرًا لأن العديد من الأشخاص قد تعرضوا بالفعل بانتظام للمركبات الكهربائية التي تنتج الحليب البقري، فمن غير المرجح أن يؤدي ذلك إلى استجابة مناعية ضارة، على عكس الجسيمات النانوية الاصطناعية المستخدمة حاليًا لتقديم علاج الحمض النووي الريبوزي RNA عن طريق الحقن.