حصن الليبراليين.. هل يقود ماسك سيليكون فالي نحو اليمين؟


دبي - العربية.نت 11/03/2024 12:35 AM

منذ استحواذه على موقع تويتر قبل عامين، انعطف الميلياردير الأميركي إيلون ماسك سياسيا بشكل واضح نحو اليمين. ليكسر الفكرة النمطية السائدة بأن سيليكون فالي، معقل صناعة التكنولوجيا في الولايات المتحدة، هو حصن لليبراليين الأثرياء المدينين بالفضل للديمقراطيين.

فبعدما بقيت توجهات الرجل الخمسيني المثير للجدل لفترة طويلة غير قابلة للتعريف وفق القاموس السياسي التقليدي، باتت الآن يمينية متشددة بشكل لا لبس فيه، إذ يستخدم منصته "إكس" (تويتر سابقا) لإثارة قضايا تحتل الأولوية لدى شبكة "فوكس نيوز" المحافظة والحركات اليمينية المتطرفة في مختلف أنحاء دول الغرب.

أغلق الطريق في وجه الرئيس السابق.. إيلون ماسك: لن أتبرع لترمب أو بايدن

وفي أحدث مثال على ذلك وتكرار لنظرية مؤامرة تردد صداها في غرف الدردشة اليمينية المتطرفة، كتب ماسك الأسبوع الماضي أن الرئيس الأميركي جو بايدن يستقدم المهاجرين للحصول على أصواتهم، ما يؤسس "لأمر أسوأ بكثير من (اعتداءات) 11 أيلول/سبتمبر".

ليس الوحيد

لكن بمعزل عن منشوراته على منصات التواصل، ينبه كثر إلى أن ماسك ليس بمفرده في الميدان.

إذ يضمّ سيليكون فالي شخصيات أخرى تدافع أيضا عن قضايا محافظة وتُسمع أصواتها في مكان عرف لسنوات أنه معقل ليبرالي انتخابي مميز.

ويسعى بعض كبار رجال الأعمال إلى إنشاء حركة سياسية تتبنى القضايا المحافظة والعملات المشفرة وتتعارض مع التوجه التقليدي لولاية كاليفورنيا، وإن لم تدعم ترامب بشكل مباشر.

ماسك وترامب (تعبيرية)
ماسك وترامب (تعبيرية)

أبرز الأصوات

ولعل أحد أبرز الأصوات في هذا التحول هو مارك أندريسن، الذي يعد من أقطاب الإنترنت الأوائل ومؤسس شركة "نتسكيب"، ويشارك حاليا في إدارة أندريسن هورويتز، إحدى شركات رأس المال الاستثماري.

فعلى الرغم من أنه سبق لأندريسن أن كان أحد أقطاب التكنولوجيا المحسوبين على يسار الوسط، وكانت تربطه علاقات وثيقة بنائب الرئيس السابق آل غور، لكنه بات يحارب الآن بشدة ضد أولويات اليسار، لا سيما ما يسمى اعتبارات "اليقظة" (ووك) بشأن المساواة أو الشمولية في مكان العمل.
وقد طرح العام الماضي في "بيان متفائل بمستقبل التكنولوجيا" في 5200 كلمة، رؤية تكنولوجية فاضلة للمستقبل، صنّفت مفاهيم الحكومة المختارة والتنظيم والمخاوف من التمييز أو المساواة كأعداء، وفق فرانس برس.

ومثل عدد كبير من زملائه المستثمرين اليمينيين، تستثمر شركة أندريسن بكثافة في العملات المشفرة. وأطلقت العام الماضي صندوقا مخصصا لشنّ حملات تثير مشاكل للمشرّعين الديمقراطيين والجمهوريين الذين يريدون فرض رقابة أكبر على هذا القطاع الناشئ.

الأمر لا يتعلق بتقليد ماسك بقدر ما تتعلق بقلق الحرس القديم

محلل في قطاع التكنولوجيا

الحرس القديم

وفي السياق، اعتبرت المحللة في قطاع التكنولوجيا كارولاينا ميلانيسي أن "الصراحة الناشئة لا تتعلق بتقليد ماسك بقدر ما تتعلق بقلق الحرس القديم من تلاشي الوضع القائم".

كما أضافت قائلة "بينما يتحدث الناس عن اليقظة في قضايا التنوع والمساواة والشمول، أو عن الاستدامة، فإن كل هذه الأمور تشكل في الأساس تهديدًا للوضع الراهن".

كل هذا السخط

لعل هذا السخط هو ما دفع إلى إطلاق برنامج حواري إذاعي (بودكاست) ناجح يسمى "أول إن" (All-In) ، حيث يتحدث فيه أربعة من كبار الشخصيات في مجال التكنولوجيا، وبعض أصدقاء ماسك، عن العالم وآخر التطورات التقنية.

كما يستضيف ديفيد ساكس، أحد أعضاء "مافيا باي بال" (PayPal)، وهي مجموعة من الأفراد بينهم ماسك، الذين عملوا في هذه الشركة الناشئة في أواخر التسعينيات، وأصبحوا منذ ذلك الحين ممثّلين للحلقة الصغيرة لكن المتنامية، لذوي التوجهات اليمينية في سيليكون فالي.

إلى ذلك، تضم "باي بال" أحد المستثمرين المخضرمين الآخرين، ألا وهو بيتر ثيل المحافظ المولود في ألمانيا، والذي تقرّب من ترامب عند وصوله إلى البيت الأبيض.

لكن بعد هجوم أنصار ترامب على الكابيتول (مبنى الكونغرس) في 2021، قال ثيل إنه سيبقى بعيدًا عن السياسة، وأصبح أشبه بكبير مفكّري الجناح اليميني في سيليكون فالي.

الذكاء الاصطناعي (تعبيرية من آيستوك)
الذكاء الاصطناعي (تعبيرية من آيستوك)

كارثة الذكاء الاصطناعي

ويبدو أن قوة الحرس الجديد بدأت تظهر مع تراجع شركات التكنولوجيا التي تنادي بالتنوع بسبب الانتقادات الموجهة إلى سان فرانسيسكو على خلفية انتشار المخدرات والجريمة، أو أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يبالغ في الدفاع عن هذه المفاهيم.

حيث واجه رئيس مجلس إدارة غوغل سوندار بيتشاي الشهر الماضي انتقادات وخسرت أسهم شركته بعضا من قيمتها، بعدما تبيّن أن تطبيق "جيميني أيه آي" الذي أُطلقته مؤخرا أنتج صورًا لقوات نازية متنوعة عرقيًا في الحرب العالمية الثانية وغيرها من الأخطاء المخالفة للتاريخ.

وفي مؤشر إلى تزايد النفوذ المحافظ، وصف بيتشاي فوضى الذكاء الاصطناعي بأنها "غير مقبولة على الإطلاق". وقال أحد مؤسسي غوغل سيرغي برين "أخطأنا بالتأكيد" في توليد مثل هذه الصور "اليسارية المتطرفة".

يذكر أنه عام 2020، كانت حصة ترامب من الأصوات في سيليكون فالي أقل من 25%، أما اليوم فيبدو أنها ارتفعت قليلاً.


المصدر : alarabiya.net تاريخ النشر : 11/03/2024 12:35 AM

Min-Alakher.com ©2024®