يلتقي جورجي جيسوس مدرب النصر القادم من أمادورا مدينة العمال التي تعاني من معدل جريمة مرتفع بمواطنه سيرجيو كونسيساو ابن كويمبرا المدينة الجامعية التي يحاول سكانها تفادي الطلاب "السكارى" ليلاً، لأول مرة خارج بلدهما البرتغال وذلك عندما يلعب فريقاهما النصر والاتحاد مواجهة مثيرة في ثمن نهائي كأس الملك يوم الثلاثاء.
وستكون مباراة الثلاثاء المواجهة رقم 20 بين الرجل السبعيني ومواطنه الذي سيكمل عامه الحادي والخمسين الشهر المقبل، إذ فاز الأول 8 مرات والثاني 6، مقابل التعادل في خمس مناسبات.
ونشأ جيسوس في المدينة التي أصبحت جزءاً من العاصمة البرتغالية لشبونة حالياً، إذ كان البرتغاليون يصفونها بمدينة العمال وهي بالفعل كانت مقراً للكثير من المصانع وبالتالي اختار الكثير من الموظفين الاستقرار بها لقربها من أماكن عملهم، ووالد جورجي لم يكن استثناءً.
أمادورا كانت كذلك مقراً للإسكان الخيري، إذ بنت الحكومة البرتغالية مجمعات سكنية يبلغ تعدادها 213 مجمعاً سكنياً لأصحاب الدخول المنخفضة ومنحتهم حق السكن فيها، بالإضافة إلى أنها أصبحت مقراً لجميع المهاجرين القادمين من خارج البرتغال وخصوصاً المستعمرات البرتغالية في إفريقيا.
لم ينس جيسوس ارتباطه بأمادورا حتى الآن، إذ ما زال يزور ذات الأماكن التي يزورها قبل 6 عقود ويستمتع مع شقيقه جوزيه وبقية الأصدقاء الذين ما زالوا يعيشون في الحي الواقع غرب لشبونة، وفي كل مرة يزور فيها نادي "إستريا دي أمادورا" يقول: من هنا بدأ كل شيء.
وبالرغم من أن أمادورا مكاناً لإقامة أكبر مهرجانات البرتغال مثل مهرجان "أمادورا دي بي" المختص بـ"الكوميك كون" ومهرجان خاص بموسيقى "الهيب هوب" إلا أنها باتت تعاني من ارتفاع نسبة الجريمة مقارنة ببقية المدن البرتغالية، فأصبحت مكاناً تكثر فيه السرقات وعمليات السطو وتجارة المخدرات وتعاطيها، لتحتل المركز السابع عشر في قائمة أخطر المدن الأوروبية.
سمعة أمادورا انتقلت إلى المسلسلات التلفزيونية والأفلام البرتغالية التي تظهرها كمكان تجتمع فيه ثقافات مختلفة لكن بنسبة جريمة مرتفعة، بينما أطلقت بلدية لشبونة حملة عنوانها "لا لتغذية الشائعات" وذلك لمحاولة تحسين صورة المنطقة.
في الناحية الأخرى يأتي سيرجيو كونسيسياو ابن عامل البناء السابق من مدينة كويمبرا وسط البرتغال التي تسمى بـ"مدينة الطلاب" نظراً لكونها مقراً لجامعة كويمبرا الحكومية إحدى أقدم الجامعات في أوروبا، وتجذب طلاباً ينتمون إلى 70 جنسية اليوم.
يختار الطلاب التوجه إلى كويمبرا نظراً لجودة التعليم فيها واحتواء الجامعات على عدد كبير من التخصصات الدراسية، وأصبحت كذلك تضم عدداً كبيراً من المدارس الثانوية العامة والخاصة التي تحصل على أعلى المراكز في تصنيف المؤسسات التعليمية.
إضافة إلى التعليم، تعتبر كويمبرا واحدة من المناطق التراثية المسجلة في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونيسكو"، ولكن في المقابل تعاني من مشاكل تزعج سكان المدينة، إذ دائماً ما يكون هناك صخب في الشوارع نظراً لكثرة الطلاب السكارى في جميع أيام الأسبوع، وأصبح القبض على عدد منهم أمراً معتاداً بالنسبة لساكني المدينة.
بالنسبة لسيرجيو كونسيساو كل تلك المشاكل التي يعاني منها مسقط رأسه لا تهم، فهو يقول: نشأت في كويمبرا وكأننا عائلة واحدة، وتعلمت فيها معنى العمل الجاد والإخلاص وأهمية الانضباط في الحياة.