أثارت لعبة فيديو توفر لمستخدميها فرصة اللعب بشخصية حاكم بوركينافاسو إبراهيم تراوري الذي قاد انقلابا عسكريا قبل عامين وحارب النفوذ الفرنسي في بلاده وفي غرب إفريقيا، جدلا واسعا بسبب تشكيك البعض في الهدف من وراء إطلاقها وهل هي فعلا تهدف لمحاربة نفوذ فرنسا المستعمر السابق لمنطقة غرب إفريقيا.
وتم إطلاق اللعبة التي تحمل اسم "الفجر الإفريقي" على الإنترنت يوليو الماضي وقامت بترويجها المبادرة الإفريقية وهي إحدى المواقع الروسية في القارة، وتسمح اللعبة بفضل مؤثراتها المختلفة للاعبين باختيار البلدان وتجسيد القادة من أجل غزو العالم في عصور مختلفة.
تبدأ أحداث اللعبة في 30 سبتمبر 2022، عندما تولى الضابط إبراهيم تراوري السلطة في بوركينافاسو، في سياق سلسلة انقلابات عسكرية شهدتها منطقة غرب إفريقيا، وفي ظل تصاعد المشاعر المعادية لوجود فرنسا مقابل حرص على تعزيز النفوذ الروسي في غرب إفريقيا.
ويتعيّن على اللاعبين اتخاذ أفضل القرارات السياسية والاقتصادية والعسكرية لتحقيق النصر، وتخيّر اللعبة اللاعبين بين هدفين إنشاء اتحاد ساحلي ذي سيادة وطنية أو إعادة هذه البلدان إلى الماضي الاستعماري.
وبذلك تختصر اللعبة النصر في جميع حروب تلك البلدان بإنشاء تحالف دول الساحل وهو التحالف الذي أنشأ في 6 يوليو 2024 بين مالي والنيجر وبوركينافاسو التي وقعت اتفاقية دفاع مشترك بينها وابتعدت عن نفوذ المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا التي تضم المستعمرات الفرنسية السابقة بغرب إفريقيا.
ووفقا للعبة يتعين على اللاعب أن يختار شخصية تراوري محاربة الإرهاب ومعارضة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ونفوذ فرنسا، من أجل تحقيق انتصار الوحدة الإفريقية، وإنشاء تحالف الساحل له عملته الخاصة وسيادته الوطنية التي لا تتأثر بأي نفوذ.
وفي حال اختار اللاعب شخصية معارضة فإن النتيجة حسب لعبة "الفجر الإفريقي" هي عودة نفوذ المستعمرين السابقين وداعميهم والمستفيدين منهم وتنفيذ سياسة الاستعمار الجديد.
تتعرض لعبة الفجر الإفريقي من حين لآخر لاختراقات حيث يجد المستخدمون صعوبة في تنزيلها، ولاحقا يتم التغلب على المشكلة وتظل اللعبة متاحة على الإنترنت.
ويرى الخبراء أن هذه الألعاب لا تدمر الطموحات الغربية في إفريقيا بقدر ما ترفع مستوى الوعي بين الشباب بأهمية ما يحدث في منطقة الساحل خاصة في أعقاب الانقلابات في بوركينا فاسو ومالي والنيجر وانسحاب الجنود الفرنسيين والأميركيين، وبدأ عهد جديد ضد الفساد واستغلال السلطة في البلدان الإفريقية التي سئمت من نهب الغرب لخيراتها.
وينظر الخبراء إلى بعض ألعاب الفيديو باعتبارها أداة لتعزيز الدعاية لمشروع ما وأيضا محاكاة لخطط المستقبل، من خلال أساليب الإقناع التي تعتمد على نشر أيديولوجيا ما تمزج بين المعلومات الجزئية والمتحيزة.
ويحذر الخبراء من خطورتها خاصة أنها موجهة للمراهقين والشباب، وأنها تعمل بأسلوب غير مباشر على محو تنوع وجهات النظر والقضاء على أي محاولة لممارسة التفكير النقدي، وأن تأثيرها أقوى من الشعارات والخطب السياسية.