لليلة الثانية على التوالي، حاول أشخاص من مختلف أنحاء العالم مشاهدة الأضواء القطبية المذهلة التي أنارت السماء بفعل عاصفة شمسية وُصفت بأنها "تاريخية" ويتوقّع أن تستمر الأحد.
وتحدث هذه الظاهرة نتيجة انبعاث جسيمات من الشمس، مما يؤدي إلى حدوث عواصف مغناطيسية عند وصولها إلى الأرض.
وأشارت الوكالة الأميركية لمراقبة المحيطات والغلاف الجوي (NOAA) إلى رصد انبعاثات تؤشر إلى عاصفة جيومغناطيسية من المستوى الخامس على مقياس من 5 درجات، مساء الجمعة ثم مرة ثانية صباح السبت، في حدث يُسجَّل للمرة الأولى منذ 20 سنة، بحسب ما ذكرته "فرانس برس"، واطلعت عليه "العربية Business".
وليلة الجمعة إلى السبت، تمكّن سكان بلدان كثيرة من مراقبة الأضواء المذهلة لهذه الظاهرة النادرة التي لوّنت السماء بالأزرق والبرتقالي والوردي انتشرت صور لها في منصات التواصل الاجتماعي.
وكتب عالم الفيزياء الفلكية في مرصد كوت دازور إريك لاغاديك، في منشور عبر موقع "ْX": "أشعر بأنني أعيش ليلة تاريخية في فرنسا (...) كانت مليئة بالجزيئات الشمسية والعواطف"، مضيفاً "قد تستمر العاصفة الشمسية هذه الليلة أيضاً. ابحثوا عن موقع جيّد بعيداً عن الأضواء، ومع إطلالة باتجاه الشمال!".
وكتب رائد الفضاء الفرنسي توماس بيسكيه "لست متأكداً من أن الظاهرة ستتكرر الليلة، فالتكهّن بها أصعب بكثير من التنبؤ بالأحوال الجوية"، لكن "لا مانع من النظر إلى السماء، فيمكن أن تحدث مرة ثانية".
وبحسب المركز الأميركي لمراقبة الطقس (SWPC)، التابع للهيئة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، قد تظهر الأضواء القطبية مجدداً "فوق قسم كبير من الولايات المتحدة" ليل السبت إلى الأحد.
وأُصدر تحذير من عاصفة من المستوى الرابع قد تحدث الأحد، فيما يُحتمل أن تُسجَّل سلسلة انبعاثات من المستوى الثالث حتى الاثنين، بحسب المركز الأميركي لمراقبة الطقس الذي وصف الظاهرة بـ "التاريخية".
وفي حين كانت السلطات قلقة بشأن احتمال انعكاس الظاهرة سلباً على شبكات الكهرباء والاتصالات، لم يُرصد حتى اللحظة أي تعطّل كبير فيها.
وأكد المركز الأميركي لمراقبة الطقس أنه لم يتم الإبلاغ سوى عن معلومات "أولية" عن "عدم استقرار في الشبكة الكهربائية" بالإضافة إلى "تدهور الاتصالات عالية التردد ونظام تحديد المواقع العالمي جي بي اس وربما الملاحة عبر الأقمار الاصطناعية".
وفي منشور عبر منصته "X"، أكّد الملياردير إيلون ماسك مالك شركة "ستارلينك" لخدمات الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية والتي تشغّل آلافاً منها في مدار منخفض، أن هذه الأقمار "تتعرّض للكثير من الضغط لكنها صامدة حتى الآن".
وأكدت وكالة الطيران المدني الأميركي أنها "لا تتوقع أي مضاعفات مهمة" على الملاحة جراء العاصفة.
لكنها أشارت الى أن العواصف الجيومغناطيسية قد تؤدي لاضطراب عمل أجهزة الملاحة والبث ذات التردد العالي، وأنها أوصت الخطوط الجوية والطيارين بتوقع اضطرابات محتملة.
وأصدر المركز الوطني الصيني للطقس الفضائي إنذارا أحمر السبت، محذرا من أن العاصفة الشمسية قد تستمر خلال عطلة نهاية الأسبوع وتؤثر على أنظمة الاتصالات والملاحة، وفقاً لما نقلته وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا).
وذكرت أن الأضواء القطبية شوهدت في النصف الشمالي من البلاد.
وكانت الأضواء مرئية في مختلف أنحاء الولايات المتحدة تقريباً ليل الجمعة إلى السبت.
وتقترب الشمس حالياً من ذروة نشاطها وفقاً لدورة تتكرر كل 11 عاماً. وهذه الانبعاثات الكتلية الإكليلية التي تتجه سبعة منها على الأقل نحو الأرض، مصدرها بقعة شمسية قطرها يفوق حجم قطر الأرض بـ 17 مرة.
وآخر حدث من هذا النوع بلغ المستوى الخامس كان في أكتوبر 2003 وأطلق عليه اسم "عواصف الهالوين" الشمسية.
وتعود أقوى عاصفة شمسية مسجّلة في التاريخ إلى العام 1859 وفق وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، وعرفت بـ "حدث كارينغتون"، وتسببت حينها باضطرابات في خطوط التلغراف.