اكتشاف آلية ظهور التجاعيد مع التقدم في السن


العربية.نت: جمال نازي 29/07/2025 06:48 PM

كشفت دراسة جديدة أن الجلد المتقدم في السن يتمدد جانبيًا تحت تأثير الشد، ما يؤدي إلى انثنائه - مثل المعجون المطاطي - ليشكل تجاعيد أعمق وأكثر استقامة. ويبدأ كل شيء بكيفية ترتيب الكولاجين.

أسرار تحت سطح الجلد

وبحسب ما نشره موقع New Atlas نقلًا عن دورية Mechanical Behavior of Biomedical Materials، فإن التجاعيد جزء طبيعي من الشيخوخة. وبينما يرى البعض أنها علامة شرف، فإن البعض الآخر يلجأ إلى طرق مختلفة لمحاولة التخلص منها. لطالما اعتقد العلماء أن مزيجًا من العوامل الوراثية وأضرار أشعة الشمس وعوامل بيئية أخرى يسبب التجاعيد، لكن دراسة جديدة ألقت المزيد من الضوء على ما يحدث تحت السطح.

وبهدف فهم كيفية وسبب تشكل التجاعيد في جلد الإنسان مع التقدم في السن، أجرى باحثون من جامعة بينغهامتون الأميركية أول بحث تجريبي حول كيفية تأثير عملية الشيخوخة على سلوك الجلد وبنيته.

الآلية الفيزيائية

وقال جاي جيرمان، الأستاذ المشارك في الهندسة الطبية الحيوية في جامعة بينغهامتون والباحث المشارك في الدراسة: "لم يعد [الأمر] مجرد نظرية"، إنما توجد الآن أدلة تجريبية دامغة تُظهر الآلية الفيزيائية وراء الشيخوخة.

يمكن اعتبار الكولاجين مجموعة من ألياف البروتين السميكة والقوية، ملتوية على شكل حبال تُشكّل سقالة داعمة تحت سطح الجلد. وهو ما يُزوّد الجلد بقوته الميكانيكية ومرونته. لا تتموضع ألياف الكولاجين عشوائيًا في طبقة الجلد الأدمية، أو الأدمة، التي تقع بين البشرة الخارجية والطبقة الأعمق، وهي الأدمة تحت الجلد. بل تُرتّب غالبًا في حزم تميل إلى السير في اتجاه سائد، حسب جزء الجسم.

يُشكّل هذا الاتجاه السائد ما يُسمى "خطوط لانغر"، وهي خطوط شد طبيعية في الجلد.

تعبيرية عن البشرة وعلامات الشيخوخة - آيستوك
تعبيرية عن البشرة وعلامات الشيخوخة - آيستوك

عينات جلدية من متبرعين

ويمنح ترتيب ألياف الكولاجين الجلد خصائص متباينة الخواص، أي أنه يتصرف بشكل مختلف حسب اتجاه تمدده. إذا شُدّ الجلد على طول اتجاه الألياف، يكون قويًا ومرنًا. أما إذا شُدّ على الألياف، فتزداد مقاومته ويتجعد بشكل مختلف. في هذه الدراسة، أخذ الباحثون عينات جلدية من سبعة متبرعين (أُخذت خلال عمليات جراحية اختيارية أو من جثث) تتراوح أعمارهم بين 16 و91 عامًا. لتجنب الأضرار الناجمة عن الأشعة فوق البنفسجية، أُخذت العينات من مناطق غير معرضة للشمس. قُطعت شرائح رقيقة من الجلد إما على طول أو عبر اتجاه ألياف الكولاجين الطبيعية. شُدّت العينات بقوة مُتحكم بها لمدة 40 دقيقة لمحاكاة شد الجلد الطبيعي.

تمدد وانضغاط الجلد

وقام الباحثون بقياس مدى تمدد الجلد (الإجهاد المحوري)، وانضغاطه جانبيًا (الإجهاد العرضي)، وحسبوا نسبة بواسون، وهي مقياس لمدى رقة الجلد عند تمدده. استخدم الباحثون قالبًا من السيليكون لالتقاط شكل التجاعيد وعمقها، وحللوا التواء التجاعيد (مدى التواء أو استقامة التجاعيد) وعرضها وعمقها باستخدام المجهر. ثم تم قياس وزن وحجم الجلد قبل وبعد التمدد لتقييم فقدان السوائل، وهي علامة على انكماش حجم أنسجة الجلد تحت الشد (اختبار مرونة المسام).

انضغاط جانبي

توصل الباحثون إلى أن الجلد الأكبر سنًا يشهد انضغاط جانبيًا بشكل أكبر بكثير تحت نفس مقدار التمدد، مما يؤدي إلى نسبة بواسون (رقة جلد) أكبر، مما يشير إلى فقدان الحجم الفعلي، أو أن السائل قد تم عصره خارج مصفوفة الجلد، وهي السقالة في الأدمة التي تحتوي على ألياف الكولاجين.

تجاعيد أعمق وأوسع

كما أن الجلد الأكبر سنًا لديه تجاعيد أعمق وأوسع، مما يؤكد أنه أكثر عرضة للانثناء تحت القوى الطبيعية. كانت التجاعيد في الجلد الأكبر سنًا أكثر استقامة، ربما بسبب التغيرات الهيكلية مثل تسطيح التقاطع بين الأدمة والبشرة وفقدان الكولاجين.

شرح جيرمان نتائج الدراسة باستخدام مقارنة أكثر وضوحًا وواقعية.

قال: "إذا قمت بتمديد المعجون السيلي، على سبيل المثال، فإنه يتمدد أفقيًا، ولكنه ينكمش أيضًا في الاتجاه المعاكس - يصبح أرق". "هذا ما يفعله جلدك أيضًا. مع تقدمك في العمر، يزداد هذا الانكماش. وإذا انكمشت بشرتك كثيرًا، فإنها تنكمش. هكذا تتشكل التجاعيد".

فهم أفضل لتشكيل التجاعيد

توفر نتائج الدراسة بشكل واقعي في المقام الأول فهمًا أفضل لكيفية تشكل التجاعيد. إن تحديد الإجهاد العرضي وتأثيرات المرونة المسامية كعوامل رئيسية للتجاعيد يُمكن أن يُفيد في تطوير العلاجات أو الأجهزة الموضعية من الجيل التالي. ويمكن أن يُحسّن فهم الميكانيكا الحيوية لشيخوخة الجلد التخطيط الجراحي والحقن التجميلية وعلاجات الليزر من خلال استهداف محاذاة ألياف الكولاجين ومرونة المسام في الجلد.

كما يُمكن تطبيق نتائج الدراسة على أنسجة أخرى مثل الدماغ والقلب والعظام، حيث يلعب التباين الميكانيكي والمرونة المسامية دورًا رئيسيًا. ومن المرجح أن يتم ترجمة نتائج الدراسة إلى علاجات ومنتجات جديدة لمكافحة الشيخوخة.

الهواء الطلق وأشعة الشمس

قال جيرمان: "إذا قضى الشخص حياته يعمل في الهواء الطلق، فمن المرجح أن يكون لديه بشرة أكثر شيخوخة وتجاعيد، على سبيل المثال، من أولئك الذين يعملون في المكاتب". كما أن "الشيخوخة الزمنية والشيخوخة الضوئية تُعطيان نتائج متشابهة. لذا، يمكن الاستمتاع بصيف رائع، ولكن يجب تذكر استخدام كريم الوقاية من الشمس".


المصدر : alarabiya.net تاريخ النشر : 29/07/2025 06:48 PM

Min-Alakher.com ©2025®