خلال السنوات الأخيرة لوحظ أن نسبة كبيرة من الرؤساء الأفارقة أصبحوا يفضلون قضاء إجازاتهم داخل بلدانهم، عكس ما كان عليه الوضع في السابق، ما فتح في وجههم بعض التساؤلات والانتقادات.
إذ كان العديد من رؤساء الدول الإفريقية يقضون إجازاتهم خارج القارة، سواء في أوروبا أو أميركا الشمالية وشرق آسيا.
لكن بعض الرؤساء استبدلوا مؤخرا قضاء العطلة في الخارج بالعودة إلى مناطقهم الأصلية، حيث شيدوا مساكن خاصة بهم كالرئيس الكاميروني بول بيا الذي صرح أكثر من مرة أنه يستمتع بالعودة إلى مفوميكا جنوب البلاد، حيث بنى مسكنًا له أصبح المفضل لديه للاستجمام والراحة.
كذلك فعل رئيس الكونغو فيليكس تشيسيكيدي، الذي يزور غالبا الساحل الكيني لقضاء إجازته.
أما رؤساء غرب إفريقيا فغالبيتهم يفضلون الانعزال في قراهم الأصلية والاستمتاع بحياة البر وسط الخيام وهم محاطون بقطعان الماشية كالرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز والرئيس النيجري السابق محمدو إيسوفو، ومنهم من يفضل الدول العربية كتونس والمغرب.
بينما أغلب العسكريين الذين قادوا انقلابات بغرب إفريقيا مؤخرا لا يعلنون عن وجهتهم خلال العطل، خشية حدوث أية تحركات عسكرية ضدهم. لكنهم في الغالب يقضونها داخليا في مناطق قريبة من قواعد عسكرية ليضمنوا أمنهم خلال الإجازة.
غير أن رئيس ساحل العاج الحسن واتارا، لا يزال يفضل فرنسا في إجازاته حيث يقضي عطلته غالبا في الجنوب الفرنسي وتحديدا في موجان.
كما يقضي بضعة أيام في العاصمة الفرنسية باريس حيث يمتلك شقة.
أما من بين الرؤساء الأفارقة الذين تعرضوا لانتقادات حادة بسبب كثرة أسفارهم، فيتصدر اللائحة الرئيس الكيني ويليام روتو والرئيس النيجيري بولا تينوبو والجنوب إفريقي جاكوب زوما، وقد تعرضوا لعدة انتقادات بسبب أسفارهم المتكررة إلى الخارج.
فقد انتقد الإعلام المحلي في كينا إصرار روتو على السفر إلى الخارج في كل إجازة، ووصفته صحيفة "ذا ستاندرد" الكينية بأنه "الرئيس الطائر"، معتبرة أن "حبه للطيران كبير لدرجة أنه يبدو لا يستطيع تفويت أي فرصة" على الرغم من المطالب المحلية الملحة، مثل مكافحة ارتفاع تكاليف المعيشة.
كما أشارت إلى أنه قام بخمسين رحلة خارجية في فترة لا تزيد عن عام ونصف أي أكثر من ثلاث رحلات شهريا في المتوسط.
كذلك نشرت بعض الصحف والمواقع الإخبارية ميزانية السفر الرئاسي وتفاصيل جميع التكاليف المرتبطة بها وانتقدت بشدة ميل رئيس البلاد للسفر الجوي رغم الظروف الاقتصادية الصعبة.
كما انتقد الإعلام النيجيري أسفار تينوبو إلى أوروبا، واعتبر أن نيجيريا لا تحتاج إلى "رئيس سياحي.. بوقت تغرق فيه البلاد في انعدام الأمن".
ففي الأشهر الثمانية التي تلت تنصيبه، قام تينوبو بـ 14 رحلة، أي أقل بقليل من رحلتين شهريًا، في المتوسط.
في حين استأثرت الزيارات الخاصة للرؤساء الأفارقة باهتمام كبير في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وارتفعت شعارات "لا ضرورة.. لا رحلة" في إشارة إلى أن غالبية الرحلات غير ضرورية ولا مبررة.
كما انتقدت النخبة كثرة أسفار الرؤساء واتهمتهم بأنهم "رؤساء يحبون أن يكونوا في الهواء".
كذلك كشفت وسائل إعلام محلية أن الرئيس النيجيري أنفق ما لا يقل عن 3.4 مليار نيرا (2.2 مليون دولار) على السفر المحلي والخارجي في الأشهر الستة الأولى من رئاسته، أو 36% أكثر من المبلغ المخصص في ميزانية عام 2023، حسبما ذكرت صحيفة بانش النيجيرية.
وفي كينيا، أظهر مراقب الميزانية، وهو مكتب مستقل يشرف على الإنفاق الحكومي، زيادة كبيرة في الإنفاق على السفر والذي شمل تسعة أشهر من رئاسة روتو.
حيث بلغ الإنفاق الإجمالي على السفر المحلي والخارجي أكثر من 1.3 مليار شلن كيني (9.2 مليون دولار)، وهو ما يتجاوز الميزانية بأكثر من 30% من الرحلات عن العام السابق.
في المقابل، دافع الرئيس الكيني روتو عن أسفاره قائلا إنه "لا يسافر مثل السائح" وإن هذه الرحلات ضرورية لتأمين الاستثمار الأجنبي وخلق فرص عمل للكينيين في الخارج.
من بين قلة قليلة جدا من الرؤساء الأفارقة الذين لم يسافروا خارج إفريقيا خلال فترة رئاستهم الرئيس التنزاني الراحل جون ماجوفولي الذي لم يسافر خلال السنوات الست التي قضاها في منصبه.
أما من بين الرؤساء الذين تأثروا بكم الانتقادات التي وجهت لهم بسبب أسفارهم، فالرئيس الكاميروني بول بياي الذي أصبح يفضل قضاء عطلته بمفوميكا جنوب الكاميرون، بعد أن كشف تحقيق أنه أنفق 800 ألف يورو خلال عطلة بفرنسا.
ورغم أن بياي يملك مسكنا صيفيا في لابول غرب فرنسا، فإنه خلال إجازته فضل الإقامة بفندق خمس نجوم هو وزوجته وفريق مكون من أكثر من 40 شخصًا، ما كلف ميزانية أحد أفقر البلدان في إفريقيا مبلغًا ضخمًا قارب 800 ألف يورو!