للفن أدوار كثيرة ووجوه متعددة، فبجانب دوره الترفيهي والذي يظل الدور الأساسي للفنون، يعمل الفن على إلقاء الضوء على مشكلات المجتمع المختلفة، كما يسعى للغوص داخل النفس البشرية لمعرفة أبعاد الشخصيات المختلفة الموجودة في المجتمع.
لكن الدور الأهم للفن هو السعي إلى حل مشكلات المجتمع العويصة من خلال إبرازها ووضعها في صدارة المشهد أمام القائمين على الأمور، وفي هذا الصدد كان للعديد من الأعمال الفنية في مصر الدور الأبرز في تغيير القوانين بما يتناسب مع مصلحة المجتمع.
ومن أبرز هذه الأعمال الفنية نذكر فيلم "جعلتني مجرما" بطولة الفنان فريد شوقي وهدى سلطان ويحيى شاهين وإخراج عاطف سالم، حيث ألقى الفيلم الضوء على أزمة من له سابقة إجرامية في الحصول على عمل فرصة عمل شريف ليبدأ حياة جديدة صالحة، إلا أنه بعد رفض المجتمع له وعدم مساندته في فتح صفحة جديدة من حياته يضطر إلى الانتقام من جميع من ظلموه ويصبح مجرما بالاضطرار.
وصدر عقب عرض هذا الفيلم قانونا مصريا ينص على الإعفاء من السابقة الأولى في الصحيفة الجنائية، حتى يتمكن المخطئ من بدء حياة جديدة.
أيضا تسبب فيلم "كلمة شرف" للفنان فريد شوقي وأحمد مظهر ورشدي أباظة، في إعادة النظر إلى الحالات الإنسانية للسجناء في مصر، حيث تم بعد عرضه إعادة صياغة القوانين، واستحداث قانون جديد يسمح للسجين بزيارة أهله في حالات محددة مثل حالات الوفاة أو الزواج أو غيرها من المناسبات.
أما فيلم "أريد حلا" للفنانة فاتن حمامة والفنان رشدي أباظة، فألقى الضوء على قضايا الطلاق وقوانين الأحوال الشخصية، حيث تلجأ بطلة الفيلم إلى القضاء للطلاق من زوجها بعد رفضه تطليقها، وتتعرض إلى مجموعة من المشكلات والعراقيل والعقبات التي تمس كرامتها خلال إجراءات طويلة ومعقدة، ثم يأتي الزوج بشهود زور إلى المحكمة يشهدون ضدها فتخسر القضية بعد مرور أكثر من 4 سنوات.
وساهم الفيلم في إعادة النظر في قوانين الأحوال الشخصية، والسماح للمرأة المصرية بحق "الخلع" من زوجها، بعد أن ظلت زوجات كثيرات في مصر لعقود طويلة يبحثن عن حق الانفصال عن الزوج ويهدرن سنين عمرهن في الأمر دون جدوى.
وعلى نفس الوتيرة، حاولت أعمال أخرى التطرق إلى موضوعات قانونية شائكة في المجتمع المصري، إلا أنها لم يحالفها الحظ بعد بالاستجابة وتغيير القوانين، ومن بينها فيلم "عفوا أيها القانون" للفنانة نجلاء فتحي ومحمود عبدالعزيز، والذي سلط الضوء على عدم مساواة القانون للجنسين في حالات الزنا والقتل، حيث حكم على بطلة العمل بالسجن المشدد لمدة 15 عاما بتهمة قتل الزوج بعد أن فوجئت بخيانته لها مع أخرى على سريرها، بينما نفس الموقف عندما يقتل الزوج زوجته المتلبسة بفعل الخيانة يحكم عليه بالسجن مدة شهر واحد مع إيقاف التنفيذ.
وفيلم "آسفة أرفض الطلاق" للفنانة ميرفت أمين وحسين فهمي، حيث حاول الفيلم إبراز فكرة تنفيذ الطلاق بحكم من القضاء، ليتساوى الزوجين أمام القانون ولا ينفرد طرفا واحدا بقرار إنهاء العلاقة وحده، حيث ترفض بطلة العمل قرار زوجها بالطلاق وترفع دعوى قضائية ترفض فيها الطلاق.
وقد عمل مسلسل "تحت الوصاية" للفنانة منى زكي، أيضا على إبراز مشكلات قوانين الوصاية في مصر، والتي تضر ملايين النساء والأطفال، حيث ينفرد والد الزوج المتوفى أو عم الأبناء في الوصاية على تركة الأبناء بخلاف الأم، التي لا يمنحها القانون أي شرعية على أطفالها الأيتام، وبعد عرض المسلسل ونجاحه الكبير جرت مناقشات عديدة في المجتمع المصري بهذا الشأن كان أساسها البحث عن مصلحة الأبناء ، إلا أن هذه العمل وما تبعه من جهود ومناقشات لم تتوج بنتيجة حقيقية في تغيير القوانين حتى الآن.